• English
  • کوردی

هل يُعاد سيناريو العراق وتونس في السودان والجزائر

أفريقيا

4/18/2019 12:50:00 AM

احمد موكرياني 

ان سقوط الطاغية الغبي عمر البشير والمطلوب للجنائية الدولية والذي تسبب في تجزئة دولة السودان والانهيار الاقتصادي والزراعي لدولة السودان بعدما كانت مؤهلة ان تكون المجهزة للمنتجات الحيوانية والزراعية لكل بلدان الشرق الأوسط وكذلك سقوط الرئيس العاجز لأكثر من 6 سنوات عبدالعزيز بوتفليقة الذي حول الجزائر الى دولة منهارة اقتصاديا رغم الثروات الطبيعية والزراعية والكوادر المؤهلة هو انتصار لكل شعوب المنطقة آملاً ان تحذوا شعوب المنطقة حذو الشعبين السوداني والجزائري لتمسح غبار التخلف الذي غشى عيون الاحرار وجعلهم خانعون للجهلة والعملاء والمليشيات المسلحة لإيران وتركيا ولإغراءات المالية القطرية.

فبعدما سقط صدام حسين بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، تنفس الشعب العراقي نسمة الحرية لأول مرة لفترة قصيرة جداً واذا بالقوات الامريكية تسقط المؤسسات القائمة وتؤسس دولة محاصصة طائفية سياسية وتسمح لعملاء إيران ان يتصدروا الواجهة السياسية واشاعة الفساد وفقاً لخطة معدة مسبقا بان تبقي العراق في فوضى كما هو الحال في أفغانستان، فنتجت عنها دولة فاشلة تتصدر قائمة الفساد والتخلف في العالم تتحكم بها عملاء ومليشيات إيرانية وأحزاب فاسدة سرقت مليارات الدولارات الى جيوب قادة الأحزاب السياسية والمليشيات والقوات المسلحة للأحزاب، وإلغاء التجنيد الاجباري كي تهيمن الأحزاب والمليشيات الشيعية على الجيش العراقي، وتدمير المدن السنية بتخطيط إيراني وبتواطؤ مع داعش.

وبعدما سقط زين العابدين بن علي بعد ثورة الربيع العربي، فتصدر الإسلامي السياسي ممثلة بحركة النهضة الواجهة السياسية وبدأت الاغتيالات السياسية بتأسيس جهاز سري أمنى مسلح للنهضة وازدادت نسبة الفساد الاقتصادي في تونس من 20 بالمئة في عهد زين العابدين بن علي الى أكثر من 50 بالمئة في عهد النهضة والباجي قائد السبسي، وبدأت عملية التوريث السياسي لقيادة حزب نداء تونس من الباجي قائد السبسي الى ابنه رجل الاعمال حافظ قائد السبسي.

ان القوى الاستعمارية القديمة والحديثة لا تسمح للمنطقة وخاصة الدول التي تمتلك الموارد الطبيعية في ان تتطور اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وصناعيا والا ستضيع أسواقها في المنطقة، حيث تهدر قادة هذه الدول المصطنعة من قبل القوى الاستعمارية مليارات الدولارات على شراء الأسلحة وتمويل المليشيات والفرق الإرهابية وشراء ذمم شركات العلاقات العامة العالمية والمحطات الفضائية لتجميل صورتها للثبات على كراسي الحكم والتسلط على الشعوب.
فكان الاستعمار البريطاني يعتبر الهند جوهرة في تاج بريطانيا العظمي فلم تسمح باستقلال الهند بسلاسة وبدون مشاكل بل تركت مشاكل وحروب ونزوح جماعي عنيف للملايين المسلمين والهندوس تخلله تصفيات جسدية للطرفين، فعمل الاستعمار البريطاني في الخفاء على فصل باكستان من الهند بدوليتين باكستان الشرقية التي استقلت فيما بعد الى دولة بنغلادش وجمهورية باكستان الإسلامية، وتركت مشكلة كشمير بدون حل كمصدر للصراع الهندي الباكستاني الى يومنا هذا.
وان الصراع بين القوى الغربية على النفط الليبي والتنافس للهيمنة السياسية على ليبيا من قبل تركيا والقطر واضح للعيان ولا نحتاج الى الكثير من الخبرة والدراية لرؤية الأصابع الخفية وراء الحرب الأهلية الدائرة في ليبيا بين قوات حفتر المدعومة من مصر ودول الخليج وقوات فائز السراج المدعومة من تركيا وقطر والاخوان المسلمين.

والآن فإن الشعب السوداني قادم الى عصر بعد عمر البشير والتحرر من هيمنة الإسلام السياسي الذي قسم السودان، والإسلام براء منهم، والشعب الجزائري قادم الى عصر بعد بوتفليقة والتحرر من هيمنة جبهة التحرير الجزائرية، فهل تترك دول العظمى والدول الإقليمية الشعبين السوداني والجزائري ان يؤسسا دولة بمؤسسات إدارية مستقلة والفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، وهل سيسمح الإسلام السياسي للشعب الجزائري بتأسيس دولة مدنية بعد فشلهم في مصر وتونس والسودان، لا اظن ذلك بالرغم من وعي الحراك الشعبي والشباب الجزائري ولأسباب التالية:
1. الصراع على الغاز والنفط الجزائري، اني متيقن من ان الشركات النفطية ذات مصالح في الجزائر وحتى الشركات التي تتحين الفرص للحصول على حصة من الغاز والنفط الجزائري قد شكلت فرق من خبرائها ومستشاريها لكسب عناصر جديدة من عهد الجديد للعمل معها وتسهيل مهماتها للحصول على حصة من الكعكة البترول والغاز الجزائرية، كما كان الحال في العراق في بداية 2003 وقبل سقوط صدام حسين، حيث أسست الدول الغربية مراكز ولجان لوضع سيناريوهات للعمل في العراق بعد سقوط صدام حسين، وحتى انها بعثت بوفود تجارية الى الدولة المجاورة للعراق للتهيئة للانقضاض على التجارة والموارد الطبيعة في العراق. 
2. ستشكل الدول الإقليمية لجان مختصة لبسط نفوذها على السودان والجزائر من خلال كسب رجال العهد الجديد وخاصة سيكون الصراع بين تركيا وقطر من جهة والسعودية والدول الخليج المتضامنة معها من جهة أخرى، ولا ننسى الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ستحاول ان تجد موضع قدم في الدولتين حالمة بتأسيس امبراطورية إسلامية شيعية.
3. ان رجال الاعمال العهد الحالي سيحاولون ان يؤسسوا اعمال وشركات بواجهات واسماء مختلفة للمحافظة على سير أعمالهم تحت تسميات مختلفة.
4. سيحاول بعض المغامرين من السياسيين والعسكريين اللذين لا مبدأ لهم سوى تولي السلطة او المشاركة في الحكم التنافس على تولي السلطة او المشاركة في الحكم من خلال كسب دعم الخارجي لهم مثل فائز السراج رئيس وزراء طرابلس - ليبيا.

السؤال: هل ممكن ان تتفادى ثورتي السودان والجزائر الشعبية تجربة العراق وتونس وليبيا:
الجواب: نعم ولا
نعم: 
1. إذا تأسست سلطة قضائية مستقلة نزيهة وقوية وفاعلة لفرض القانون على الجميع.
2. إذا تمكنت السلطة القضائية من فرض عدالتها بقوة داعمة على الجميع.
3. إذا اهتم الحكم الجديد بالتربية والتعليم بطريقة علمية بحته دون تشويه للتاريخ الوطني وباستقلالية كاملة عن السلطة السياسية ومنح فرص متساوية للتعليم والابتعاث للدراسة في الخارج دون تدخل أصحاب النفوذ السياسية او المالية.
4. منع ترخيص الأحزاب على أساس ديني او قومي، الدين لله والوطن للجميع.

لا:
1. لا تسمح القوى الاستعمارية وإسرائيل بتطوير المنطقة دون وجود نفوذ سياسي وحتى عسكري في دولنا.
2. صراع شركات البترول للحصول على امتيازات استثمارية، وهي احقر وأكبر القوى المؤثرة في خلق الفساد في الدول، فالشركات البترولية كانت وراء فشل ثورة الدكتور محمد مصدق في 1953 بعد تأميم النفط الإيراني، والانقلاب على عبدالكريم قاسم في 1963 في العراق بعد اصدار قانون رقم 80 لسنة 1961 "قانون تعيين مناطق الاستثمار لشركات النفط" حيث أُسترجعت المناطق غير المستغلة من قبل الشركات البترول الأجنبية.
3. محاولة الأحزاب المرتبطة بأجندات سياسية خارجية او بتمويل مالي خارجي لتولي السلطة. 
4. المصالح الفردية لضعاف النفوس التي تسعي لكسب المال والإثراء غير المشروع.

كلمة الأخيرة: 
لحماية الثورة الشعبية في السودان والجزائر:
1. لا بد من ابعاد العسكر عن الحكم، لأن العسكري تدرب على فرض الأوامر او إطاعة الأوامر ولا يمتلكون خبرة التفاوض والاقتناع بالرأي الآخر مثلهم مثل الأحزاب الإسلامية وخاصة سلطة ولي الفقيه في إيران والاخوان المسلمين حيث الطاعة المطلقة للمرشد دون نقاش.
2. لا بد من ضمان حرية التعبير والصحافة والإعلام.
3. لا بد من مراقبة آنية للسلطة القضائية من قبل الصحافة والرأي العام لفرض شفافية كاملة على السلطة القضائية، فإن صلح القضاء صلح المجتمع.
4. لا بد من تبني مشاريع استراتيجية لتطوير البنى التحتية والخدمية وتشجيع الاستثمار المحلي والخارجي بشفافية مطلقة لخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل.