• English
  • کوردی

‎ هل من الممكن حل الرئاسات الثلاث في العراق ؟

العراق

4/26/2019 11:41:00 PM

 

قبل الخوض في إمكانية حل الرئاسات الثلاث من عدمه ، لابد أن نطرح سؤالاً مفاده من أين جاء هذا التساؤل ؟ لعل أهم حدث في النظام السياسي العراقي  والتي تلت حرب تحرير العراق منذ سنة ٢٠٠٣ ، هي الإنشقاق التي حصل في بنية العمل السياسي وتوجهات (حزب الدعوة ) والتي مثلت في مرحلة زمنية منذ ١٩٥٧ أغلب التيارات الشيعية في العراق وفي بعض الأحيان تبنت وأحتضنت التيارات العلمانية بشقيها اليساري واليمني .حيث بعد حرب تحرير العراق وسقوط نظام البعث ،أعتلت حزب الدعوة مسرح العملية السياسية في العراق وسيطر بشكل شبه مطلق على مقاليد السلطة والحكم ولكن الخلافات السياسية داخل أروقة الحزب وبالأخص الخلافات التي ظهرت للرأي العام بين كل من (المالكي والعبادي ) واللذان تولوا منصب رئيس الوزراء  لمدة ١٢ سنة ،أفرزت جملة من التأثيرات على العملية السياسية مما أدى الى تراجع كبير في الحضور والتأثير السياسي للحزب وأبرز تلك الانعكاسات تجلت في ظهور وترشيح رئيس للوزراء خارج الحراك السياسي السائد في المسرح السياسي العراقي ومما ساعد وهيأ الأرضية المناسبة لترشيح رئيس الوزراء هو الوضع المتأزم للعملية السياسية في العراق وخصوصا بعد إنهاك امكانياته في الحرب على الداعش والحالة التي تزامنت في فترة حرب داعش والتي تمثلت بعدم الاستقرار السياسي وغياب السلطة وضعف مؤسساتها (مخالفاً بذلك الأعراف السياسية أي ظهور وترشيح اسم رئيس الوزراء قبل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب في الساحة السياسية

   رؤساء العراقية الثلاث: الرئيس البرلمان العراق محمد الحلبوسي، الرئيس الجمهورية برهم صالح، و رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي

عليه وحسب ماهو منصوص في الدستور العراقي فأن أقصى موعد لتشكيل الحكومة هو ٩٠تسعون يوماً يبدأ من يوم إعلان والمصادقة على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية ،يليه عملية تكليف من قبل رئيس الجمهورية لشخص مرشح من قبل اكبر كتلة برلمانية بتشكيل حكومة في مدة زمنية اقصاها ٣٠ ثلاثون يوماً ، لكن مضت على تكليف رئيس الوزراء اكثر من ستة اشهر ولم تكتمل الحقيبة الوزراية لحكومة د.عادل عبدالمهدي لحد الان ؟!

  العراق ، في الوقت الراهن بلد غير مهيء لأي تطوير في البنية الاقتصادية والمالية ،بل الفساد وإرادة التسقيط والتسخيف للعملية السياسية يزداد يوماً بعد يوم  والوضع الحالي في العراق يُسيل لعاب القيادات السياسية للمزيد من الفساد وهدر أموال الدولة في مشاريع وهمية وتافهة وحسب الإحصائيات الواردة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فأن مجمل المستحقات المالية من القروض على العراق تترواح بين (١٣٠-١٣٣) مليار دولار أمريكي ، في وقتٍ صادرات العراق النفطية تُقدر بحوالي ٤ملايين برميل من النفط ومن المقرر أن تصل الصادر النفطي الى ٥ملايين برميل في نهاية ٢٠١٩!!

بشكل وجيز ومختصر العراق يتصدر قائمة أسوأ دول العالم والخاصة بالكوارث البشرية والسياسية والإنهاك الاقتصادي .

الرئيس العراقي الحالي (د.برهم صالح ) كان محط إهتمام ومبعث أمل لأغلب العراقيين ، فقد دخل بخلاف مع مقربيه وتهميشهم مع العلم بأنه لم ينقضي عام لتوليه منصب رئيس الجمهورية ، ومن خلال مزاملتي للسيد رئيس الجمهورية في الفترات السابقة والدفاع عن آرائه وتوجهاته وخصوصاً في السنوات الثلاثة المنصرمة قد تبين لي بأنه انعكس وتراجع أدائه لأكثر من ١٨٠ درجة مما جعلنا نتوقف ونشك بقدراته وإمكانياته السياسية .خلاصة الحديث رئيس لايستطيع إقناع ومجاراة اقرب أصدقائه ومسانديه ،كيف به ادارة ملف سياسي في بلد غير مستقر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ؟!

من طرف اخر العراق أصبح بؤرة الخلافات بين الصراع الأمريكي الإيراني ،حيث النفوذ والتواجد الإيراني في كل شبر من العراق ،العراق بمثابة ماء الخلود لإيران .تكاليف الحرب على العراق والتي أنهكت الخزانة الأمريكية كانت بامكانها حل مشاكل مياه الشرب لأكثر من مليار ومائتي مليون نسمة على وجه الكرة الأرضية !لذا الولايات المتحدة الأمريكية لاتنتظر إدارة الرئاسات الثلاث بالوكالة أو بالنيابة من قبل جهات أخرى .برأي المتواضع المرحلة التي تلي إدراج (سباى باسداران ) من المرجح أن تبدأ بعملية تقليم الأظافر للمتواطئين مع النفوذ الإيراني والموالين لنظام الملالي.

السؤال المطروح ، ماذا بمقدور الدولة العراقية ان تفعل في حال فرضت الولايات المتحدة المزيد من العقوبات على إيران ؟ هل بإمكان العراق تصدير خمسة ملايين برميل من النفط ؟ بالتأكيد ،كلا ..ما طرحناه أخر مايخطر على بال وتفكير حكام العراق . الافتراضات أعلاه ، تؤكد بأن بودقة الحكم في العراق تميل الى التهاون والتراجع بشكل مخيف ومن جانب اخر لايوجد نص دستوري يحدد بأن الرئاسات الثلاث ملك لمذهب أو قومية محددة ! بل المحك هي إتفاق سياسي بين الأكثرية على حساب الأقلية ، وبأستقراء نتائج الانتخابات البرلمانية للدورة الحالية فأنها لا تمثل ٦٠٪ من أصوات العراقيين ،حيث لم تحصل حتى أقوى الكتل الانتخابية على ٦٠ مقعد ، من جهة أخرى الخلافات داخل الكتل الشيعية في مجلس النواب تزداد يوماً بعد يوم مما لايضمن بقاء تحالفاتها الى فترات طويلة ، ختاماً الوعي السياسي لدى المواطن العراقي يزدهر باستمرار ، مما يجعل الشعارات وإدعاءات رجال الحكم في العراق بإرساء العدالة مجرد ادعاءات وحبر على الورق ولايقتنع به حتى حراس القصور الرئاسية

 

بهروز جعفر: هو صحافي و الباحث الكوردي، رئيس معهد ميديتريانة للدراسات الاقليمية، طالب دكتورا في العلاقات الاقتصادية الدولية بجامعة قبرص الدولي.