• English
  • کوردی

تيمور الأنفال... الناجي من مقابر السماوة الجماعية

معهد ميديتريانة للدراسات الاقليمية: فتح مقبرة جماعية تضم رفات نساء واطفال الاكراد التى اعدمهم نظام صدام في بادية السماوة
الدراسات العرقية

7/25/2019 12:21:00 AM

تيمور عبدالله احمد، المعروف بتيمور الأنفال، احد الناجين من جرائم الأنفال التي ارتكبها نظام المقبور صدام حسين ضد ابناء شعب كوردستان في ثمانينات القرن المنصرم. 

(تيمور الأنفال) كتاب مترجم من الكوردية الى العربية، وهو عبارة عن حوار مطول مع الشاب تيمور الذي نجا من المقابر الجماعية للكورد في السماوة، حيث كان احد الناجين من مقبرة الشيخية في منطقة نقرة السلمان بمحافظة المثنى والتي تم فتحها يوم الثلاثاء 23/7/2019.

في الحوار الذي اجراه الكاتب والصحفي الكوردي عارف قورباني، وترجمه الكاتب والصحفي سوران علي، يتحدث الشاب تيمور عن حياته وما تعرض له هو واسرته واهل قريته (كوله جو) التابعة لادارة كرميان، وكيف تم نقلهم الى السماوة، والتفاصيل المثيرة في كيفية نجاته من عمليات الانفال والدفن في المقابر الجماعية. 

 

تيمور الأنفال 

عارف قورباني

ترجمة: سوران علي

 

كلمة لابد منها

طوال سنوات عملي في مجال الانفال، بين جميع تلك الادلة والوثائق والشهود التي كانت في المتناول، ومن مجموع المعلومات التي استحصلناها، كنت اشعر بفراغ حيث لا يمكن الكتابة عن الانفال ما لم تسجل المعلومات التي عند تيمور. لقد الفت العديد من الكتب عن الانفال وتحدثت الى الشهود في احداث الانفال من ضحايا وحتى الجلاد، وقابلت الذين تعرضوا للانفال ونجوا بسبب ما، والذين كانوا معتقلين في (طوبزاوا) التابعة لكركوك وكانت مركزا لجمع المؤنفلين والذين اخذوا الى معسكر (دوبز) والذين نقلوا الى (تكريت) مدينة صدام واحتجزوا هناك وكذلك الذين ارسلوا الى نقرة السلمان وحتى (فرج وعزير و واحد ورمضان) الشبان الاربعة الذين عادوا من المقابر الجماعية في صحاري جنوب العراق وهم مصابون، توقفت عندهم جميعا وسجلت معلوماتهم بدقة، ولكنني كنت اشعر بفراغ في كتابة ذلك التاريخ حيث لا يمكن ان نقول ان معلوماتنا كاملة ما لم نضف اليها قصة (تيمور). وعلى الرغم من ان منظمة مراقبة حقوق الانسان (ميدل ايست وتش) كانت قد اعلنت باهتمام بعض المعلومات على لسان تيمور، وكذلك اجرى الكاتب العربي (كنعان مكية) لقاء معه، وكان كل ذلك في المتناول، الا ان المرء كان يشعر في كليهما بنقص كبير ويشعر ان معلوماتهما ليست وافية وان (تيمور) يحتاج الى وقفة اطول. 

لذلك كنت منذ سنوات ارغب في اجراء مقابلة مع تيمور تملأ الفراغ في المعلومات عن الانفال، وكان قد انتقل الى امريكا منذ عام 1996 ولم يكن الوصول اليه سهلا، وبعد سقوط صدام في عام 2003 توفر نوع من التسهيلات لتحقيق هدفي هذا. حاولت عدة مرات وبطرق مختلفة ولكنني لم انجح في ذلك، وقد اتفقنا في عام 2009 على اجراء اللقاء ولكن بعد عودته الى كردستان كان منزعجا وقلقا لمدة، فاجلناه تلك المرة ايضا وعاد هو الى امريكا. بحثنا الموضوع عدة مرات اخرى الى ان اتفقنا على اجراء اللقاء صيف عام 2013.

بدانا الجلسة الاولى من اللقاء ليلة السابع عشر من تموز في (مجمع الصمود) ناحية رزكاري في الساعة التاسعة مساء واستمرت حتى الساعة الواحدة ليلا، وقد انجزنا جزءا كبيرا منه. وقد ذهبت مرتين في الثلاثين من أب (اغسطس) والحادي عشر من ايلول (سبتمبر) الى كرميان واجريت اللقاء في المنزل نفسه الذي يقيم فيه تيمور الان في حي المؤنفلين. وطوال الساعات التي كنت اسأل فيها تيمور كان يرد علي وهو يدخن السجائر الواحدة تلو الاخرى، وفي اغلب الاحيان كانت الدموع تملأ عيوننا فكنا نوقف اللقاء لفترة.

ادركت منذ بداية اللقاء ان حزنا عميقا يعذب تيمور، كان يريد ان يبدد همومه بدخان سجائره. كان كما يقول انقسم قلبه الى جزأين جزء كان عنده هو والاخر عند المقابر الجماعية في الصحراء، ولكنه كان يتمالك نفسه عند رواية الاحداث التي تبدو انها كانت طوال السنوات الـ(25) التي مرت على الانفال تجول في ذاكرته كل ليلة كشريط مصور. كانت المشاهد امام عينيه تبدو وكأنه ينظر الى صورة، حتى ان مشاهد الطفولة وفترة طويلة ما قبل الانفال كانت محفوظة في ذاكرته جيدا.

كانت احدى امنياتي ان اعيش حتى اتحدث الى الناجين الخمسة من الانفال. كنت منذ زمن بعيد وانا ارغب بتسجيل ذكريات ومعلومات تيمور هذه، وكان هو ايضا يرى انه من المهم قبل توديعه الحياة ان يسجل ما جرى له وما رآه كما هو ويصبح جزءا من تاريخ شعبه. لذلك لم نكن نبالي بان اللقاء سيطول وما كان مهما بالنسبة لنا هو ان تكتب قصة حياة تيمور.

هذا الكتاب الذي بين يديكم هو النص الكامل للمقابلة وربما غيرت فيها من ناحية الصياغة والكلمات والا فان كلها عبارة عن قصة حياة تيمور وليس كلامي انا.

اعتقد انه لو لم ينجو تيمور من المقابر الجماعية للنساء والاطفال المؤنفلين ولم يعد حيا لبقيت كتابة احداث الانفال ناقصة الى الابد، فقد كان تيمور الشاهد الوحيد الحي الذي يعلم مصير النساء والاطفال المؤنفلين، فاذا ما فارق تيمور الحياة لسبب ما قبل اجراء المقابلة لا سامح الله كما حصل مع (انور طيار وحمه علي عليان) الذين نجيا من الانفال وقد لقيا حتفها في احداث مختلفة، لبقيت صفحات من احداث الانفال غير مكشوفة. لحسن الحظ فقد منحنا العمر مجالا لذلك واعطاني الله القدرة على اجراء اللقاء ولما تبقى من العمر آمل ان تؤمن السلطة الكردية حياة لائقة لتيمور بحيث تعوضه عن المعاناة والآلام التي تعرض لها في الماضي.         

                        للمزيد: يرجي أضغط الرابط التالي لتنزيل ملف بى دي اف-pdf :

                                                       أضغط هنا لتحميل ملف