• English
  • کوردی

كورونا يهدد الأقتصاد العالم: الانعكاسات و المعالجات

مستقبل الاقتصاد العالمي ما بعد كوفيد-19
المعادلة الاقتصادية

9/6/2020 11:02:00 AM

سوز بشير محمود /   زميل معهد ميديتريانة للدراسات الاقليمية، و هي حاصل على ماجستير في محاسبة المصاريف

 مقدمة

 ظهرت في خلال شهرين قليلة لكن غيرت مشهد الاقتصاد العالمي بحلول جائحة كوفيد19 (فيروس كورونا جديد). جاء عاصفا بمعدلات النمو، كما أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي (IMF) والدول العظمى والمؤسسات الدولية المعروضة. وهناك من الدلائل بـأن ستشهد العالم نكسة في معدلات البطالة، ازدياد النسبة الفقر، و افلاسا للعديد من الشركات و المؤسسات المتنوعة في السياحة، الطيران، قطاع السيارات، الصناعات المتوسط و الصغيرة. و كما وقع بشدة في حركات التجارية و المالية العالمية. ايضا تراكمات في المديونات. و من جانب أخر هذه المعضلة و الصدمة جاءت دون اي سابق انذار و بالانتشار سريع في معضم الدول العالم. ولحد الأن لهذا فيروس لا علاج و لا لقاح له!.   

لهذا الغرض، هناك الأسئلة المطروحة:  كيف يهدد كورونا الاقتصاد العالم؟.. و ماهي أليات التى اتخذت الدول و المؤسسات لمواجهة هذه الأزمة أو لماذا شكلت الأزمة تحديا لكافة الدول العالم؟  

 أولا: مدى التأثير كورونا على الأقتصاد العالمي

تأشرت المصادر المعتبرة التي تتفهم عن التداعيات الاقتصادية للأزمة كورونا، ومنها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ظهرت أن النمو الاقتصادي قد ينخفض إلى النصف في حال استمرار انتشار الفيروس. و حسب التوقعات المنظمة، فإن الناتج المحلي العالمي سينمو بنسبة (1,5%) فقط خلال العام الحالي (2020)م، و هذا يعني أن بلدان العالم سوف يشهد أزمةً اقتصاديةً لم يشهدها منذ عام (2008)م، و سوف تكون تحدياتها أكثر وضوحاً قي كل من الاتحاد الأوروبية واليابان و الولايات المتحدة (1). من جانب أخرى، ووفقاً لتقارير منظمة العمل الدولية، من المتوقع أن يخسر العمّال في جميع أنحاء العالم ما يصل إلى (3.4) تريليونات دولار من الدخل بحلول نهاية (2020)م. و كما توقعت منظمة العمل الدولية أن (25) مليون شخص سيفقدون وظائفهم، مقابل (22) مليون خلال الصدمة الاقتصادية عام 2008م(2). وهذا بالإضافة إلى تفاقم قطاع السياحة العالمي بنسبة (30%)، أيضا فقدان برميل النفط (60%) من قيمته منذ بداية العام 2020، ليصل في الوقت الحالي إلى (32) دولاراً للبرميل وحتى انخفضت سعر البرميل النفط تكساس لتحت صفر. و بصورة عام، فإن فعالية أزمة كورونا على أسعار النفط يتّسم بالحدّة والطابع الوقتي،" إلا أنه يصعب تقدير ذلك الأثر بصورة دقيق. بسبب تعقُّد الأزمة وانعدام حالة اليقين حول مساراتها المستقبلية". وبشكل عام، تعاقب تقديرات بشأن تراجع الطلب على النفط  خلال العام الحالي 2020م ما بين مليون إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً، فضلاً عن التراجع الحاد في البورصات العالمية، وخسائر الطيران التي قدرها الاتحاد الدولي للنقل بحوالي (252) مليار دولار(3).

ثانيا: الأزمة اقتصادية طارئة و الاستعداد لفترة طويلة

"فيروس كورونا أزمة اقتصادية طارئة" هي عنوان مقال "مارتين ولف" كاتب و محللل في صحيفة فاينانشال تايمز، و يرى أنه يجب على الحكومات أن تعمل الآن لتفادي الكساد، وأن هذا الوباء الذي لم يكن متوقعًا لا يهدد فقط صحة البشرية، بل قد يكون أيضًا تهديدًا ماليا و اقتصاديًّا أعظم من الأزمة المالية في ( 2008-2009). و يعتبر  أحد الآمال لمحاربة الفيروس هو إغلاق الدول (ايطاليا) و  (إسبانيا) أو أجزاء من الدول (الصين)... و اضافة الى ذلك، حتى لو ثبت أن هذا صحيح في بعض الأماكن، فمن الواضح أنه لن يكون صحيحًا في كل مكان. كما أنه من المحتمل تعرض ما يصل إلى ( 80% ) من سكان العالم للإصابة!، وبمعدل وفيات محتمل بنسبة (1%)، وهو ما يعني ( 60 ) مليون حالة وفاة إضافية محتملة، وهو ما يعادل عدد الوفيات في الحرب العالمية الثانية. ويتوقع أن تستغرق هذه الكارثة بعض الوقت أيضًا(4).

و يضاف الكاتب إلى أن فيروس  قد أدى بالظبط إلى تقليل و خلل من العرض والطلب، حيث تؤدي عمليات الإغلاق إلى إيقاف الإمدادات الأساسية ومجموعة كبيرة من عمليات الشراء، وخاصة الترفيه والسفر... لذا فإنه من المتوقع أن تكون النتيجةُ هبوطًا حادًّا في الحركات المالي و الاقتصادي في النصف الأول من هذا العامّ. فلهذا السبب يجب  ان يكون على "البنوك المركزية" ضمان السيولة من خلال الحفاظ على تكلفة اقتراض منخفضة وتوفير الائتمان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ولكن البنوك المركزية لا تستطيع توفير الملاءة الماليةّ. فلا يمكنهم دعم دخول الأسر أو تأمين الأعمال ضد هذا الانهيار في الطلب، وهو ما يتطلب قيام الحكومات بدعم الطلب، ~والذي يُمكّن كل شركة من الاستمرار في دفع أجور عمالها والحفاظ على رأس مالها، كما لو كانت تعمل...

وهذه الخطة تعد لأفضل بكثير من القروض وضمانات القروض، حيث سوف تأخذ الشركات القروض فقط لضمان بقائها على قيد الحياة خلال فترة الصدمة/ الأزمة، وليس بالضرورة لدفع رواتب عمالها. علاوة على ذلك، ّهناك إلزام بسداد القروض، وهو ما يخلق عبئًا على الشركات عندما يتم احتواء الوباء.

من جانب الأخر، له استعداد لفترة طويلة...كما أشارت "لورانس بون" "كبير الاقتصاديين بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" في مقال تحت عنوان "قد نضطر إلى الاستعداد لأزمة فيروس كورونا لفترة طويلة"، إلى أن تفشي المرض الذي استمر أكثر من بضعة أشهر يثير أسئلة حول كيفية تعديل الاستجابات قصيرة المدى والموجهة التي تم اتخاذها لمواجهة صدمة مؤقتة، ّأو تعزيزها في سياق النمو الضعيف الذي يُتوقع أن يستمر لفترة طويلة، وتقييمات الشركات المتعثرة، وانخفاض العمالة، وارتفاع الديون، والتضخم المنخفضّ.

ثالثا: الآليات الاقتصادية

كما أشارت في هذا التقرير أنَّ "فيروس كورونا" كان تحدياً كبيرا جدا للاقتصاد العالمي، نظراً لتأثيره الشامل على كل من القطاعات الاقتصادية في وقتٍ متزامن، وبعيداً عن الخوض في تفاصيل الأرقام – وهي عديدة، فإن التساؤل هو "كيف أدارت دول العالم أزمة كورونا اقتصادياً؟". وبدايةً تبيّن بدء كافة الحكومات بتقديم معوناتٍ ماليةٍ فوريا للطبقات محدودة الدخل، و"ضمان بدفع رواتب الموظفين لعدة أشهر، والأمثلة في هذا الشأن عديدة لا يتسع المجال للحديث عنها في هذا التقرير المختصر، ومع أهمية تلك الجهود، فإن المجتمع الدولي لا يزال يعوّل على الجهود الجماعية للتعامل مع تداعيات أزمة فيروس كورونا"...وهنا يمكن الإشارة إلى خمس مؤشراتٍ مهمة:

أولاً: القمة الافتراضية لمجموعة العشرينG-20، التي استضافتها المملكة العربية السعودية في 26 مارس 2020م، والتي أكد العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبد العزيز آل سعود" خلال كلمته فيها على أن "العالم يعوّل على تكاتف دول مجموعة العشرين لمواجهة كورونا""، مضيفاً أنه "يجب تنسيق استجابةٍ موحدةٍ لدول مجموعة العشرين في مواجهة هذه الجائحة"، مؤكداً على أنه "لمجموعة العشرين دورٌ محوريٌ في التصدي لآثار كورونا". ّالجدير بالذكر أن قادة مجموعة العشرين قد اتفقوا على ضخّ أكثر من (5) تريليونات دولار في الاقتصاد العالميّ، باعتباره جزءًا من السياسات المالية والتدابير الاقتصاديةّ، وخطط الضمان المُستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية لوباء كورونا (كوفيد-19).

ثانياً: ّقرار قادة الاتحاد الأوروبية في (26 مارس 2020) لمنح وزراء المالية والخزانة في منطقة اليورو خمسة عشر يوماً ّلإيجاد خطةٍ مشتركة لمواجهة التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كوروناّ: والذين قرروا في (9 نيسان 2020) لتقديم حزمة إنقاذ بقيمة (500) مليار يورو للدول الأكثر تضرُّراً من كوفيد-19.

ثالثاً: إعلان صندوق النقد الدولي- IMF  في 6 مارس 2020م عن رصد مبلغ (50) مليار دولار لدعم الدول المتضررة من تفشّي فيروس كورونا.

رابعاً: إطلاق الأمم المتحدة في 25 مارس 2020م ّخطة استجابةٍ إنسانية عاجلة بقيمة 2 مليار، لمساعدة البلدان في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأمريكا اللاتينية، وسيتم تنفيذها بواسطة وكالات الأمم المتحدة.

خامساً: الحوار الأمريكي-الصيني،ّ فبعد اتهاماتٍ متبادلة بين الولايات المتحدة والصين حول المسؤولية عن تفشّي الفيروسّ، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اتصالاً هاتفياً بنظيره الصيني في 27 مارس 2020م، مؤكداً على أن الصين أضحت ذات خبرة في التعامل مع الفيروس، ّوأكد الرئيس الصيني ترحيبه بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول العالم في هذا الشأنّ(5).

الاستنتاجات

كما حددت " معهد ميديتريانة للدراسات الاقليمية (www.mirs.co) ان هناك  يساعد استخدام عمليات الإغلاق لمنع انتشار COVID-19 الأنظمة الصحية على التأقلم مع الفيروس ، مما يساعد على استئناف النشاط الاقتصادي. لا يوجد مفاضلة في هذا السياق بين إنقاذ حياة الناس وإنقاذ مستويات المعيشة. ّستواصل البلدان إنفاقها بشكل كبير على خدماتها الصحية ، وإجراء أبحاث مكثفة وتجنب الضوابط التجارية على الإمدادات الطبيةّ. ستضمن المبادرة العالمية حصول الدول الغنية والفقيرة على العلاج الفوري واللقاحات عند تأسيسهاّ.

سيتعين على واضعي السياسات أولاً التأكد من أن الناس يمكنهم تلبية احتياجاتهم ويمكن للشركات أن تبدأ بعد انقضاء فترات التفشي الشديدة. السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية واسعة النطاق وفي الوقت المناسب والموجهة ، والتي اعتمدها بالفعل العديد من صانعي السياسات(6).

السياسات التي ينبغي أن تعتمدها الدول هي كما يلي:

أ: تمديد تأمين البطالة وتحسين التعويضات والإعفاءات الضريبية للأسر. وعلاوة على ذلك ، توفير ضمانات الائتمان ، وخدمات السيولة ، والإقراض للشركات.

باء : يحتاج واضعو السياسات بالفعل إلى إعداد التعافي. مع ظهور خطوات الاحتواء ، ستتحول السياسات بسرعة إلى تعزيز الطلب ، مما يشجع على توظيف الشركات واستعادة الميزانيات العمومية للقطاعين العام والخاص للمساعدة على التعافي. إن الحوافز المالية المنسقة من خلال البلدان ذات القدرة المالية من شأنها أن تضخم المزايا لجميع البلدان. خلال عملية الاسترداد ، قد تحتاج القيود على سداد الديون وإعادة هيكلة الديون إلى الاستمراّر.

جيم: ّالتعاون الحكومي أمر حاسم لرفاهية الانتعاش العالمي. ّيجب على الدائنين الثنائيين والمؤسسات المالية الدولية توفير التمويل الميسر والمنح وتخفيف عبء الديون لتمكين الإنفاق المطلوب في البلدان النامية. "ساعد تنشيط وإنشاء خطوط المقايضة بين البنوك المركزية الإقليمية في تخفيف نقص السيولة الأجنبيةّ ، وسيتعين توسيعه ليشمل المزيد من الاقتصادات. ّهناك حاجة إلى استراتيجيات تعاونية لضمان ألا يخرج العالم من العولمة ، بحيث لا تضر خسائر الإنتاج بالانتعاشّ".

د. الاستعداد للاستفادة القصوى من المنظمات الدولية التي تدعم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، على سبيل المثال ، توسيع صندوق النقد الدولي بقوة لإقراض تريليون دولار لمساعدة البلدان الضعيفة ، بما في ذلك من خلال الصرف السريع لتمويل الطوارئ وتخفيف عبء الديون إلى الدول الأعضاء الأكثر فقراً لدينا ، وندعو المقرضين الثنائيين الرسميين للقيام بالمثلّ..

 سوف تمتد السياسات المذكورة أعلاه في مرحلة الاستقرار للتخفيف من الجروح المزمنة في هذا الانكماش الحاد الذي قد ينجم عن نقص الاستثمار وخسارة الوظائفّ.

  PDF اضغط هنا لفتح و لقراءة بصيغة    

المصادر

(1). الأخبار الخليج (2020). "أزمة كورونا: التداعيات والآليات التي انتهجتها الدول لإدارة الأزمة". جريدة اليومية الاولى في البحرين. لمزيد انظر هنا http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1206828

(2) روسياليوم (2020) : منظمة العمل: 25 مليون شخص قد يفقدون وظائفهم في العالم نتيجة كورونا. انظر هنا:

https://arabic.rt.com/business/1095008-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-

(3). Fetzer, T. Hensel, L. Hermle, J. Roth, C (2020) ‘’Coronavirus Perceptions and Economic Anxiety’’. A common work by: University of Warwick, University of Oxford and other. Page: 3-11.

(4). الأخبار الخليج (2020). مصدر السابق

(5). مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة (2020) خيارات اقتصادية للحد من تداعيات أزمة كورونا، مجموعة من المؤلفين: خيارات اقتصادية للحد من تداعيات أزمة كورونا - مركز المستقبل  

(6)  Mediterranean Institute For Regional Studies (2020): “The First Stoppage since the Great Depression: policies to reduce the economic effects of Covid-19’’. See here: https://www.mirs.co/details.aspx?jimare=140